منتديات قسم العلوم الاجتماعية سعيدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الفلسفة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مجلة تحالف الحضارات الجزء الاول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 54
تاريخ التسجيل : 03/07/2012

مجلة تحالف الحضارات الجزء الاول Empty
مُساهمةموضوع: مجلة تحالف الحضارات الجزء الاول   مجلة تحالف الحضارات الجزء الاول I_icon_minitimeالأحد أغسطس 19, 2012 3:48 pm

المضمون
مقدمة رئيس التحرير .............................................................................5
كلمة المدير العام لمجلس التحرير .................................................................8
سهيل فرح. من الحوار الى التحالف بين الحضارات ........................................... 11
فلاديمير ياكونين. حوار الحضارات: في البحث عن نموذج جديد ............................. 23
كابور كاجديش. نحو فلسفة أنسانية جديدة للحياة ................................................40
جورج ماكلين. العولمة وتعاون الأديان .......................................................... 64
عبدالسلام حسينوف. البعد الأكسيولوجي في حوار الثقافات .................................... 76
ستيفن وايت. الشرق والغرب: التصادم أم الحوار بين الحضارات ............................. 91
يوري يكوفتس – بوريس كوزيك. عشر خطوات للوصول الى التكامل الحضاري .......... 100
ألكسندر أغاييف. الحضارة المعاصرة في فوضى المتغيرات. .................................138
نور كيرابايف. الحضارة الأسلامية وتحديات العولمة ..........................................151
رمضان عبد اللطيبوف. روسيا المعنى في حضارة اليوم ..................................... 174
تاليغان مخمدجانوف. المنتدى العالمي للثقافة الروحانية. .......................................187
الملاحق:
1 - البيان العمومي لليونسكو حوار أستراتيجية الحوار والتحالف بين الحضارات
في مجالات العلم والتعليم والثقافة. ................................................................195
2- الجامعة الدولية للحوار و التحالف بين الحضارات عبر الأنترنيت. ........................ 208

تحالف الحضارات: نظرة من المستقبل
مقدمة رئيس التحرير
لماذا المجلة و هكذا عنوان؟
ما المعنى و الأهمية في النظرة من المستقبل؟
لا تدعي هذه المقدمة السريعة الأجوبة القاطعة على هذه الأسئلة، بل هي تحاول عبر الطاقم الأكاديمي الذي أسسها و يشرف على تحريرها في أكثر من لغة وعبر كتابها الآتين اليها من كل القارات ، أن تفتح مجالات أوسع و أرحب للعقل العلمي ، لكي يدرس سوسيولوجيا نجاح و فشل التجارب الجهوية و الدولية العاملة على تنشيط و تعميم و تعميق ثقافة الحوار و التعاون بين الحضارات ، لكي يحدث نقلة نوعية بهذا الحراك الدولي الى المساحات المتنوعة لعمليات التحالف بين الحضارات.
تطمح المجلة لأنعاش قدرات الخيال العلمي من أجل فتح آفاق جديدة للطاقة العقلية و النفسية و الروحية ، لأستنهاض دائرة الحلم في الطاقة الأيجابية الكامنة في الشخصية الأنسانية من أجل الشروع في فتوحات معرفية جديدة تساعد على الفهم الأعمق للحاضر وعلى استشراف المستقبل. تسعى للخوض في غمار الدراسات المستقبلية الساعية و لو للتحرر المؤقت من ضغوطات و أزمات اللحظة التاريخية و تعمل على رسم سيناريوهات و دوائر مضيئة في مكان ما في الزمن الآتي، ليس فقط لمحاولة تخطي مناطق العتمة و الأزمات في حاضر حضارتنا الراهنة، بل لرسم أستراتيجيات سياسية و أقتصادية و ثقافية وأخلاقية لحضارة أنسانية أكثر عدلا و سلاما و أنسجاما و جمالا.
هذه الأسئلة الفلسفية و الوجودية و هذا الحلم والأحتياجات الحيوية المعرفية و العملية كانت وراء عدد من المحفزات و الأسباب للشروع في أصدار هذه المجة في أكثر من لغة، نذكر أبرزها:
أولا: بعد الأنطلاقة الرائعة التي بادرت لها هيئة الأمم المتحدة في عام 2001 لدعم فكرة الحوار بين الحضارات ، و بعد أن أقيمت الألاف من المؤتمرات المحلية و الدولية و معها نشر العدد الكبير من الكتب و المقالات في هذا السياق ، نضجت الحاجة للأنتقال النوعي من الكلام عن الحوار الى الولوج العملي و الطويل الأمد للتعاون و التحالف بين الحضارات بهدف المزيد من التفاعل و التكامل البناء فيما بينها. ولأجل ذلك أستدعت الضرورة لأستحدلث منبر أكاديمي يعكس أجتهادات و تنبؤات الذات المفكرة لضخ أفكار جديدة من أجل تأصيل فكرة و فلسفة التحالف بين الحضارات و رسم أستراتيجيات عملية و على كل الصعد الحياتية لأنجاح تطبيقاتها.
ثانيا": لكي يتحرر الأنسان من ضغوطات المؤثرات السلبية للذاكرة التاريخية ، ذاكرة المعتقدات الصارمة التي صنعت كل أنواع النزاعات و الصراعات و الحروب على كافة أنواعها، من الضرورة بمكان أن يقوم العقل النقدي التحليلي الموضوعي في كشف أوسع و أجرأ لمخاطر الأوهام والجهل المدمر للنفوس و العقول في هذه الذاكرة ، و لحراسها المتمسكين بلعبة التعصب والتكاذب وأحتكار الحقائق المطلقة و الأنغلاق على غيتاوياتها الضيقة . ومن هنا تأتي هذه المجلة لتفتح عقلها و قلبها لكل فكر عقلاني حر و مسؤول.
ثالثا: كل منا يدرك بأن مساحات الأنفتاح و الأنغلاق، الطمأنينة و العدوانية، السلام و الحرب، المحبة والكراهية، الثقافة و اللاثقافة موجودة بقوة في كل حضارة و لدى كل شعب وأتنية ودين ومذهب و داخل الأسرة و في دواخل الأنسان الواحد،و الكل يدرك بأن ترجيح هذا السلوك أو ذاك يبدأ من دواخل الفرد ليصل الى حضارة الكوكب بأسره ، لذا نحن بحاجة ماسة في كل بقاع الأرض الى منابر تثقيفية تنويرية تهدف لأستنهاض ثقافة الأنفتاح و الطمأنينة و السلام و المحبة و معها كلها الأنسجام الأعمق و الأنقى و الأسمى بين الأنسان و بعده الطبيعي و اللألهي و الكوني. و كل منا يحلم ويأمل بذلك . و في هذه المجلة طموح صادق ، قد تكون فعلا نظرة من المستقبل، ألا أن أسمى ما تتمناه أن تضيف أجتهاداتها و نشاطاتها لبنة جديدة متواضعة الى هذا الحلم الأنساني الجميل.
رابعا: و لأن رباعية المال و السلطة و القوة و المعرفة المؤتمتة و المتحكمين بها ليس فقط في دول محور ما يسمى ب" المليار الذهبي" ، بل و أيضا في دول محور الشمال حيث تتواجد هذه الرباعية في كل مكان و زمان ، و حيث تسعى جاهدة من أجل أطالة عمرها بنفس الروح غير العادلة، و رغم انها هي- هي المسؤولة عن الأزمات العضوية التي تطال جوهر حياة الحضارة الأنسانية، من خلال عبادة صنم المال و تقديس العقيدة الداروينية الأجتماعية من خلال الأستنهاض العبثي الدائم لكل مظاهر القوة و العنف وما يفرض عليها من أستحداث متواصل لأسلحة فتاكة ، و أشعالها لكل الحروب الصغيرة والكبيرة. ولأن المعارف بدورها ليست كلها موجهة لأيقاظ و تفعيل الطاقات الأيجابية عند الأنسان في منطقة الوعي و اللاوعي، في دائرة العقل و اللاعقل، فأن هذه المجلة تسعى جاهدة لأن تفتح كل أسارير عقلها من أجل تأصيل نظري وعملي ، عله يؤسس لأستراتيجيات بناء عمارة أنسانية أكثر عدلا وديموقراطية و سلاما و علما و خلقا وثقافة روحانية.
خامسا: ولأن تجاربنا و خططنا و مناهجنا على مستوى العلم و التعليم و الفنون و الثقافة و الأخلاقيات و الروحانيات أحدثت شروخا حادة في حاضر علاقتنا مع أنفسنا أولا و بنية العائلة و المجتمع ومع أمنا الطبيعة و فضائنا الكوني، وأله السماوات و الأرض ، وشوهت لا بل خلخت مجمل ضرورات الأنسجام بين الأنسان و النبات، الأنسان و الحيوان، الأنسان و الماء، الأنسان الهواء، الأنسان و الفضاء الخارجي، فأننا بأمس الجاجة لثقافة علمية وأيكولوجية و أخلاقية و روحانية من نوع نوراني جديد، بأمس الحاجة لثورات معرفية ومعلوماتية و تكنولوجية جديدة تطرح علم بدائل حقيقي و قابل للتطبيق يكون أفضل و أشرق وأعدل بالنسبة لأجيالنا القريبة ولأحفادنا في المستقبل.

أنطلاقا من هذه النقاط ، وغيرها الكثير ، تجيء هذه المجلة بحلتها الجديدة، طامحة و ساعية لتشكل واحدة من الأصوات المعبرة عن الحراك العالمي المتحلق حول فكرة ونشاط منظمة "التحالف بين الحضارات " التي تحتضنها منظمة الأمم المتحدة. لذا فهي وأن كانت قد بدأت أصداراتها باللغات الأنجليزية و الروسية والعربية ، فأنها تطمح لأن توسع دائرة التعبير عن فكرتها و فلسفتها ومهامها الحاضرة والمستقبلية ، لتشمل اللغات الرئيسية للمجموعات الحضارية الأثنتي عشر البارزة على القارات الخمس لكوكبنا.

سهيل فرح: رئيس تحرير النسخة العربية لمجلة "تحالف الحضارات".

.................................................................................
تحالف الحضارات: راية القرن الواحد والعشرين
على راية القوى الطليعية لكل البشرية في القرن الواحد والعشرين ستعلو الكلمات التالية: نحن مع التحالف الفعال بين الحضارات.
لماذا تحدونا القناعة بذلك؟
لأن البشرية وجدت نفسها في بداية هذا القرن في أتون الدرجة التاسعة من الأزمات الشاملة، و المخرج من المآزق المتتالية، يمكن أيجاده من خلال توحيد القوى البناءة لكل الحضارات و الشعوب و الشرائح الأجتماعية.
و لأنه نتيجه لعملية ، الحوار والتعاون، أو التناقض والصراع ، بين اللآعبين الأساسيين على المسرح الحضاري في هذا القرن ، يتحدد مصير البشرية.
ولأن الحضارة نفسها ومنظومة القيم المتسامية فيها، تمثل الأنجاز الأسمى في التاريخ، فمن الضروري الحفاظ عليها، وأغنائها وتوريثها للأجيال القادمة.
لقد تم الأقرار بضرورة الحوار بين الحضارات من قبل هيئة الأمم المتحدة. والسنة الأولى من هذه الألفية أعلن عنها سنة للحوار بين الحضارات، و كرس لهذه المسألة المئات، لا بل الألاف من المؤتمرات والأعمال العلمية. وهذا ما ساعد على الأعتراف بأنها تشكل الهاجس المشترك لكل الحضارات و الحكومات و الفئات الأجتماعية و الأجيال.
لقد دقت ساعة الحقيقة للأنتقال من القول الى الفعل، من الحوار ألى التعاون والتحالف الفعلي بين الحضارات، ألى توحيد الطاقات من أجل رسم أستراتيجية مشتركة وخارطة طريق للعمل، تحدد الأفاق البعيدة لتطبيق البرامج و المشاريع المطلوبة.
هذا الأستنتاج الذي وصلت اليه مجموعة دولية من العلماء الذين بادروا في 27 \ 10 \ 2009 ألى تقديم تصور مستقبلي لهيئة الأمم المتحدة في نيويورك حمل عنوان"مستقبل الحضارات" حتى عام 2050. ومن ثم أضافوا أليه مجموعة من الأفكار الجديدة و الأقتراحات العملية، وأعادوا طرحه على هيئة الأمم المتحدة بتاريخ 28 \ 06 \ 2011 بعنوان"الأسس الأستراتيجية البعيدة المدى للنمو و للتطور الشامل و المستقر على أساس التحالف بين الحضارات". وهذه المجموعة تحضر نفسها لتقدم هذا التصور على المؤتمر الذي تنظمه هيئة الأمم المتحدة حول التطور المستقر (ريو زائد 20) في البرازيل في يونيو (حزيران) 2012.
كما أننا أعلنا للملأ عن موقفنا في السايت الذي استحدثناه لذلك: [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
وها نحن الأن نقدم على خطوة عملية تتمثل بأصدار مجلة علمية- تربوية بعنوان "تحالف الحضارات". نسعى لأن تكون فصلية ناطقة باللغات الروسية و الأنجليزية و الفرنسية و العربية و الصينية، و سندخل موادها في الأنترنيت لتكون في متناول الجمهور العريض من القراء ، وبخاصة الأجيال الجديدة التي تسعى بعزم من أجل التعبير الحيوي عن آمالها.
ستنشر في المجلة المقالات والوثائق ومواد المؤتمرات والندوات والمناقشات حول الطاولات المستديرة والمعلومات عن الكتب الجديدة والمواد التدريسية وردود أفعال زائري سايت: [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
نطرح تصورين يعكسان تمني قبول المواد من قبل الطاقم المشترك لرؤساء تحرير المجلة باللغات المتنوعة:
الأول: أن المشاكل الجديدة التي تشكل التحديات الحقيقية للبشرية في القرن الواحد والعشرين تستدعي خلق و صياغة الأفكار والمقاربات الجديدة.. فالمنظومة المعرفية والتعليمية السائدة لم تعد صالحة في العديد من تجلياتها النظرية و العملية، و تطل علينا تحولات وثورات معايير جديدة لمنظومات معرفية و علمية، و التي بأمكانها أن تجد أجوبة مقنعة على التصدي لتلك التحديات و المشاكل التي تعصف في عالمنا و على رسم الأسترايجيات المعرفية الواعدة لحاضر و مستقبل أرحب و أغنى و أنقى معرفيا و ماديا و روحيا للشخصية الأنسانية ، وستكون أبواب المجلة مشرعة أمام هذه الطاقات للنشر.
الثاني: أن تنوع و تعدد المشاكل و الأزمات تتطلب التنوع و التعدد في. الأفكار. فامعايير الجديدة تولد بعد المخاض العسير للأفكار و المقاربات و الأقتراحات. نحن لا نروج على الأطلاق لنمط واحد من التطور. وفقا للحكمة الصينية فلتتنافس المئات من المدارس. لذا فلا قيد من جهتنا على طروحات و رؤية أي كاتب. عبر التاريخ تقول بأن الحقيقة تبزغ من مرجل السجالات المتوقدة.
نأمل بأن تلقى محاولاتنا الردود الحية و الخلاقة من قبل الباحثين و القراء الذين يتابعون المجلة و يزورون السايت.
نحن على قناعة بأن المجلة ستشكل الأداة لنشر ثقافة الحوار والتحالف بين الحضارات في العالم. ونأمل ان تشكل الحافز المنشط لعمل الهيئات والفعاليات الدولية والمحلية الهادفة لتوحيد مساعي ممثلي الحضارات المتنوعة و الشعوب والفئات الأجتماعية المتعددة والأجيال الحاضرة و المستقبلية، علنا ننجح معا في سلك درب الخلاص الآمن وأغناء و تطوير أسمى و أرقى ما أنجزته كل ثقافات وحضارات كوكبنا.
: البروفسور يوري يكوفتس : رئيس مجلس التحرير في اللغة الروسية

...........................................................
من الحوار الى التحالف بين الحضارات
المبادئ ، العوائق، الآمال
سهيل فرح
استاذ فلسفة الحضارات والفكر الغربي
في الجامعة اللبنانية,
عضو أكاديمية التعليم الروسية - لبنان

من المبادئ الأساسية لهيئة الأمم المتحدة و معها الأونسكو الفكرة التي تؤكد بأن في الحوار القوة على أحتواء النزاعات, و أن التنوع , الذي هو ينبوع الغنى و الخير للجميع. و أن شعوب العالم يوحدها بشكل أقوى المصير المشترك ,هذا الذي لا يؤثر بدوره على التمسك بعراقتها. أن هيئة الأمم المتحدة و بالصيغة التي جرى الأتفاق عليها , يمكنها أن تشكل المجال الأصيل للحوار بين الحضارات و الملتقيات , التي بأمكانها أن تغني و تنتج ثمارها على كل مستويات النشاط الأنساني .
هذه الكلمات ليست لي بل هي شكلت "لوغوس" احدى الخطابات الهامة التى ألقاها الأمين السابق لهيئة الأمم المتحدة كوفي أنان في السنة الأولى من بداية الألفية الثالثة. مضت عشرة أعوام على كلام الوجه الأول في أعلى هيئة دولية, و خلالها نظمت في العديد من البلدان مئات أن لم يكن الألاف من الندوات و المؤتمرات و أصدرت الأبحاث و الكتب بالكثير من اللغات عن ذلك. و من هذا المجال تبرز العديد من الأسئلة والملحة و الحيوية و التي سأحاول الأقتراب من ملامسة أجوبتها:
لماذا حراك ثقافة الحوار بين الحضارات و الأديان المختلفة ما يزال الأهتمام فيه في الغرب ضعيفا و في الوقت نفسه ليس مرغوبا" فيه لدى حملة العقائد التوتاليتارية و الفرق الأصولية المتعددة في عدد كبير من بلدان الشرق و تحديدا الأوسط منه؟
ما هي المبادئ الدينامية و العوائق الجادة و التمنيات المرجوة التي ترافق ليس فقط مسيرة الحوار بل أيضا الرغبة بالشراكة الفعلية للحضارات؟
و في الحصيلة ما هي العبر التي يمكن استخلاصها من الحراك العالمي المنشط للحوار و الذي يمكنه أن يكون الأسس العقلانية الضامنة للشراكة الفعلية بين الحضارات؟
لا أدعي الجواب الحاسم على هذه التساؤلات , بل على العكس من ذلك أترك الأسئلة مفتوحة عل كل متغيرات التفكير و السلوك الأنسانية حولها , ألا انني سأحاول خط التمرين الأولي للأجابة, عل هذا يسهم برسم المعالم الأولى للمشهد الدولي الهادف لتنشيط و تعميق هذا الحراك الدولي حول الحوار والساعي للشراكة العملية و العدلة بين الحضارات.
الحوار : أرخيولوجيا المصطلح
للحوار أصوله وشروطه وعوائقه ومرتجاه بين الحضارات و الأديان ألخصها بالنقاط التالية :
أولا ً : قبل أن يبدأ الحوار العقلاني مع الآخر ، يتوجب بداية أن يجريه المرء مع نفسه. يسعى فيه تحليل الجوانب المسالمة والأخرى الردعية في قوله وفعله . فالحوار الذي يرتكز على منطق العقل ومخزون العاطفة ، يبدأ بالمقارنة المنهجية بين الشك واليقين, بين فكرة وفكرة , وبين سلوك وسلوك . وكل هذا يدور ضمن دائرة الإنسان الواحد، والعقيدة الواحدة , والدين الواحد , والثقافة الواحدة . والهدف من ذلك ، ليس "المونولوغ" النرجسي مع الذات بل التوق الدائم للذات من أجل توسيع المقاربة العقلانية النقدية للذات نفسها ، وتوسيع مساحات الحكمة والسلام والمحبة ضمن الدائرة الواحدة لتعميمها لاحقا ً مع الدائرة أو الدوائر الاخرى .
ثانياً : لا بد أن يكون في الحوار شريك منفتح . لأن في الحوار المنفتح تتلاقى روح الطرفين ومعهما رغبتهما المشتركة في المزيد من التقارب والتفاعل . في الحوار تتحق الشراكة المتبادلة بين المتكلمين . فكل طرف يحمل أفكاره ةتجاربه ونصوصه وحقائقه . وفن الحوار هو القدرة على تبيان حقيقة وجهة نظر سلوكية الآخر .
ثالثاً : المساواة أمام نقاط القوة ونقاط الضعف في حضارات شعوب الغرب و الشرق أمام الأنسان كقيمة كونية وأمام خالق الإنسان والكون . فلكل منا نقاط قوته وضعفه حيال كل المسائل الوجودية الحياتية .
رابعاً : الاحترام التام للآخر وقبوله والأصغاء إليه . فالحوار لا يقوم على محاولة إقناع الآخر بصحة أقواله ونصوصه وتجاربه من خلال دحض أقوال ونصوص وتجارب الآخر ، بل يتوجب أن يستند الى التوضيح والفهم والتعلم والتواضع . فالمبدأ السيكولوجي والسلوكي الذي يفترض أن يسير علاقتنا مع ذاتنا الثقافية ومع الذات الثقافية للآخر هو الإقرار بمبادئ الموضوعية والنسبية في النظرة الى اسهام كل واحد من في صنع الحضارة .
خامساً : يفترض أن يكون المحاور ذو إرادة حرة . فالحوار يستدعي من صاحبه الاستقلالية في الرأي والحكمة والاطلاع المعرفي الواسع، لا التقيد الصارم بحرفية النصوص ، والطاعة العمياء لحراس العقيدة المستسلمة لمخلفات الذاكرة التاريخية المليئة بالمشاحنات .
سادساً : يتوجب أن يشمل الحوار كافة المستويات والمساحات والتجارب الإنسانية في العالمين لعل أبرزها :
أ‌- حوار المفاهيم حول القيم الروحية والأخلاقية . وذلك بهدف السعي الحثيث لتفهم خطاب الآخر الديني والفكري والثقافي والتاريخي . وهذا بدوره يسهم في التجديد الدائم للغة المعرفة ويعمق التفاهم والاحترام المتبادل .
ب‌- حوار الدنيويات ، أي إقامة شبكة واسعة من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سائر الحقول العلمية للحياة ، حيث تتعاون فيها المصالح وتتكامل العلاقة بين الحضارات .
ج‌- حوار المساجلة والنقاش و " المناقشة " الديمقراطية ، من أجل تنشيط الروح العقلانية النقدية البناءة للذات والآخر .
د‌- حوار التجارب أي إخضاع التجارب الإيجابية والسلبية للمقاربة السوسيولوجية ، بهدف التطوير الإيجابي والكشف المتواصل من أجل تلمس حقائق والوجود والواقع. فالضرورة الحياتية تقتضي القبول بأمانة بالجذور التاريخية للخلافات والاعتراف بالأخطاء . وهذه خطوة هامة من أجل التئام الجراح التاريخية وإرساء الثقة بالحاضر والمستقبل .

سابعاً : جدلية التاثر و التأثير في الماضي والحاضر والمستقبل . رغم أن سمة الوجود هي الصراع بين الأقوى والأضعف . هي السمة التي يحرص التركيز عليها أنصار الفلسفة الدارينية الأجتماعية ودعاة الصراع الأزلي بين الحضارات والأديان ، فإن على الذوات المفكرة في هذا الكوكب أن تركز على الخط الآخر في العلاقة بين الأديان والحضارات وهو خط التفاعل الإيجابي.
هذه هي المبادئ السبعة التي قد تشكل الصورة الأنجح التي تبدو لأول وهلة وكأنها مثالية يصعب كثيراً تحقيقها ، لأن أمام الحوار ،عوائق وشروط في علاقة كل عالم بالآخر . ولنحاول تبيان كل نقطة منهما .
عوائق الحوار
لكل عالم لغته أو لغاته ، ودينه , ونمط تفكيره وسلوكيته . وهو بهذا متمايز لا بل مختلف عن الآخر . وهذه ظاهرة طبيعية متاصلة في التركيبة البشرية الطبيعية. ورغم ان الاختلاف يشكل العائق الطبيعي أمام أن يتماهى كل طرف مع الآخر , إلا أنه يفرض نفسه على أطراف الحوار , ليشكل الحوار بدوره واجبا ً حياتياً, واجباً أخلاقياً ودينياً , فهو لكونه حواراً بين أناس مختلفين ، فأنه بحد ذاته مغامرة , بعنى أنه يحصل بين بشر متنوعي المشارب الاتنية والثقافية و هنا قد يكمن العائق الأول.
العائق الثاني قد يكون الأساسي حسب رأي , لا يكمن في ظاهرة الاختلاف , بل انه يتمثل قبل كل شيء بمعضلتين أساسيتين . الأولى تكمن في غياب النظرة الأنتروبولوجية المنفتحة على كل طاقات الأنسان الخيرة . والثانية غياب النظرة العقلانية للذات.
المقاربة الأنتروبولوجية للإنسان تنظر الى التركيبة البشرية المكونة من عناصر بيولوجية ونفسية وعقلية حتى روحية واحدة. والمقاربة الأنتروبولوجية للأديان على سبيل المثال قد تكون فيها مساحة الموضوعية أوسع من أي مقاربة أخرى تحمل طابعاً ضيقاً . هي تساعد على فهم الروح البشرية الواحدة الكامنة وراء خصوصية هذا الدين أو الشعب أو الثقافة . و من جهة أخرى أن في غياب النظرة العقلانية النقدية للذات , يكون المرء أسير تاريخه , ونصه ولغته الدينية والدنيوية الضيقة. مما يجعله مع الزمن يكرر أخطاءه ويجتر أوهامه ويعمق من رؤيته النرجسية الذاتوية لهويته وحضارته .
إن غياب هاتين النظرتين نستمدها بوضوح ليس فقط لدى سواد الناس , بل إن غيابها بارز في مقاربة النخب الدينية والثقافية التي تقود الرأي وتفبرك الوعي والأذواق لدى شعوبها ، وهنا مكمن الخطر الأكبر . لأن في هذا الغياب يتشكل العائق الأبرز للرؤية الموضوعية العلمية الشاملة للإنسان والدين والثقافة .
العائق الثالث البارز هو ثقل الذاكرة التاريخية على البشر . فالخلافات بين حملة و حراس العقائد المتنوعة لها جذور متعلقة بتمايز النصوص والطقوس ، ومرتبطة بالصراعات التي دارت بينهما على مدى عصور كثيرة على مناطق النفوذ , والتي أدت الى صراعات ومشاحنات وحروب كثيرة.
فهذا يتطلب تواجد فريق عمل من الباحثين الكبار في التاريخ والسوسيوثقافة واللاهوت والفقه والسياسة , للانكباب على تأسيس إستراتيجية معرفية جديدة هادفة الى الهدم التدريجي للإرث السلبي للتاريخ , وإلغاء الجدران العازلة بين الثقافات وفي هذا السياق ومن أجل الوصول الى هذا الهدف المرغوب , من الأهمية بمكان التركيز في الإستراتيجية المعرفية المنشودة على أربعة مهام :
أ‌- الدراسة المتأنية لمخلفات الذاكرة التاريخية ولقوتها الراهنة.
ب‌- اتباع المنهج المقارن بعين أنتروبولوجية موضوعية .
ج‌- دراسة حركة التجاذب بين اللغة الدينية واللغة التاريخية والفكر الذي يحمل هاتين اللغتين .
د‌- تبيان مسببات حالات التوتر بين ما يقوله العقل العلمي المتواضع وبين ما تفرزه المتخيلات الاجتماعية من أوهام ومخاوف دائمة . فالمعرفة والثقافة كما يقول المفكر م.أركون "تزداد غنى وانتشاراً , عندما تملك معايير دقيقة لتحقيق الحق والخير والجمال و بحيث لا يكون الحق والخير والجمال حقاً وخيراً وجمالاً بالنسبة للعشيرة أو القبيلة أو المجموعة أو الجماعة أو الأمة فقط, بل بالنسبة الى مجموع البشر .

العائق الرابع الذي يحول دون فتح أبواب الحوار مشرعة , هو الجهل بالنصوص والنفوس . والجهل كما يقول الفيلسوف الألماني هولباخ هو ابو الخطايا . فهناك الكثير من نقاط الخلاف بين المؤمنين ، لم يكن مصدرها الضغوطات الخارجية , أو محاولات الغزو والاقتناص التي تتلبس بثوب ديني , بل إن مصدرها هو غياب ثقافة المعرفة في جوهر النصوص الدينية نفسها التي تحضر بكثافة فيها روح المحبة والسلام والتعبد النقي لرب العالمين . فالذين يختلقون النزاعات والصدامات الكلامية والجسدية ويؤججون الحروب ويسفكون الدماء ويمارسون كل أنواع الإرهاب من أتباع هذا الدين أو ذاك هم الذين يركزون على نقاط الخلاف الحادة في كل نص ديني حيال النص الديني الآخر . بينما الذين يسعون الى توسيع القواسم والمساحات الانسانية المشتركة بين مريدي أو مؤمني الأديان المتنوعة هم الذين يسعون بصدق على تأكيد طهر الرسالة السماوية للأديان المرتكزة بشكل أساسي على المحبة والعدل والسلام الداخلي والرجاء بالحياة الأخرى ليس فقط لأبناء دينهم أو ملتهم بل لأبناء البشر كلهم.
العائق الخامس هو الصراع الضاري بين المقاربة العلمانية والمقاربة الدينية لقضايا الوجود والدنيا. فغياب الاعتراف المتبادل بالحدود المعرفية والامكانيات العقلية والمادية والروحية لكل طرف يجعل مساحات التوتر دائمة الحضور بينهما. فالفكر الديني الذي يربط المصير البشري بمشيئة خالقه ، ويحاول أن يضع مسافة بين الخالف والمخلوق، وذلك لكي يحرر الوهج الرباني من انحرافات الزمان والتحولات الدراماتيكية الدائمة في التاريخ وهذا, بلا شك شيء حسن .
في حين نرى في المقابل بأن الفكر العلماني يربط المصير البشري وحوار الحضارات بالمسار العام للعملية التاريخية للبشر, أي بجدلية الحركة التاريخية المتغيرة دائماً , التي تترافق مع التغير الدائم لكل انواع الوعي الاجتماعي للبشر. الفكر العلماني بهذا المعنى يحصر مجاله في شؤون الدهر , في شؤون الدنيا فقط. وهو بهذا لا يريد أن يربط كل أشكال الوعي البشري بمرجعية نصية فوق تاريخية , فوق بشرية , أو بالمعنى الديني , بالمرجعية النصية المقدسة , الموحى بها من الله . وبهذا يضع الفكر العلماني نفسه خارج فكرة الخلاص أو الثواب والعقاب التي تشكل واحدة من الأركان الأساسية للنصوص الدينية الكلاسيكية .
بهذا المعنى يكون كل فكر سواء أكان دينياً ام علمانياً محرراً نفسه من قيود معينة , ومقيد في الوقت نفسه بمحاذير معينة . وهذا الأمر لا يشكل فقط الحاجز المعرفي الكبير في عملية الحوار الانساني الشامل, بل انه يخلق الشرخ الكبير , داخل البنية الفكرية والثقافية للحضارة الواحدة والشعب الواحد , وحتى بين أبناء الدين الواحد من مؤمنين وعلمانيين.
ما لم تقوم العقول الحكيمة في الفكرين في هدم الهوة بين التاريخي و الميتاتاريخي, بين المادي والروحي, والزمي والأبدي تبقى هذه المساجلة الحادة و المدمرة قائمة بين ابناء الجنس البشري الواحد.
العائق السادس الخلط بين البعد الثقافي للدين والبعد الطقوسي والتداخل المصطنع بين السياسي والديني. كل هذا يقف حجر عثرة أمام إمكانية التعارف واللقاء الايجابي ليس بين المجالين فقط , بل بين أبناء الشعب الواحد المنتمين الى أديان ومذاهب متنوعة . فالبعض يخلط مثلا ً بين المعرفة الدينية والوحي . فالمعرفة هي بكل بساطة القراءة البشرية للوحي . فإذا كان الدين الموحى مصدره الله فإن المعرفة أوالثقافة الدينية مصدرها البشر . والثقافة العميقة بالنصوص الدينية والعلمية تفتح أفق المرء للحوار. فبواسطة الحوار الخلاق المعتمد على ثقافة دينية واسعة تُفتح الأبواب لكل رئة دينية لكي تتنشق وجهة النظر الأخرى من أجل إضافة علامات مشرقة جديدة على فهم الحقيقة الدينية, التي هي كل متكامل تتشارك فيها كل الأطراف من أجل إتمام الصورة الايمانية عن الحقيقة الإلهية.
العائق السابع المتواجد في العوالم التي لم تتنشق بعمق و تهضم قيم العصر . و لعل البارز في هذا السياق هي الثقافة المنقوصة في الديمقراطية . فغياب الثقافة الديمقراطية والممارسة الديمقراطية في شق واسع من المعمورة يجعل معظم أنظمة الحكم منها أقرب الى الانظمة المتسلطة. والكثير من هذه الأنظمة التي لم تستطع أن تثبت حكمها بالاستناد الى النظام الديمقراطي ، تلجأ الى موروثها الديني أو السياسي القديم . و من جهة أخرى نرى الغياب الكاسح لقيم الأخلاق في عقلية الحاكم في مجتمعات الغرب و الشرق معا".
المرتجى
هناك مساحات ثقافية وفلسفية ودينية وروحانية وسياسية واقتصادية واسعة , يمكن الحوار العقلاني حولها والاتفاق معاً على رسم استراتيجية تعاون وشراكة فعلية بين الحضارات في أكثر من مجال تأسيسي معرفي – أخلاقي و عملي- حياتي.
فلكي تُحيي النخب الفكرية والشعوب الطاقة الايجابية عندها، تدعوها الظروف والمتغيرات إلى ديناميات جديدة وإلى لغة جديدة للحوار تهدف الى تأسيس شفاف للشراكة الحقيقية بين الحضارات. هذه اللغة التي يفترض علمياً أن تتحرر من المفاهيم الماضية وأن تبتكر لغة معرفية ومنهجية مرتكزة على فكرة التكامل بين العلوم لاستحداث استراتيجيات جيوسياسية وجيوثقافية جديدة واقعية، إنسانية – عادلة. فالمطلوب لا الركون إلى زهو الغرب المنتصر ولا إلى التحصن ضمن جدار الهويات المنغلقة، علينا أن نتعلم باستمرار كيفية التواصل الخلاق بين ما هو عالمي ووطني وكوني. ولعل هذا يتطلب فلسفة أخلاقية وثقافية وأمنية واقتصادية وروحية من نوع جديد تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات المستقبلية التالية:
الاولى: العمل من أجل تأسيس أخلاقيات عالمية للتواصل بين الأفراد والجماعات والشعوب والحضارات. تتشكل فيها مبادئ الاحترام المتبادل والمسؤولية المشتركة والتعاون والتضامن والعدالة الاجتماعية مبادئها وفلسفتها الأساسية.
الثانية: التركيز على تعميق ونشر فكرة التنوع الثقافي والديني والروحي التي احتضنتها الأونسكو بشكل واضح منذ اعلانها عن وثيقتها الشهيرة حول هذا الموضوع في عام 2001.
الثالثة: إذا كانت ردة فعل النخب والشعوب على التطرف المادي وعلى محاولة تشيين كل شيء وعلى سيادة الثقافة الاستهلاكية، وإذا كان الجواب يجده الكثيرون بالتركيز على البعد الروحي للشخصية الانسانية، والذي يتوجب أن يكون هذا من اختصاص النخب الدينية والعاملين في مؤسساتها، فإن المطلوب من هذا النخب، ومن باب الحرص على قداسة الرسالة الدينية وعلى خلودية الجانب الروحي في الحياة، أن تهتم بتقديم الطعام الروحي الأكثر طهارة وكثافة من ناحية الأخلاق والابتعاد عن مغريات الدنيا، لا الانغماس في لعبتها واغراءاتها السياسية والمادية كما يظهر لدى ممثلي المؤسسات الدينية.
الرابعة: التحرر من وهم الهويات المغلقة وخطر الأصوليات والعمل على تعميق الانتماء بالمبادئ والقيم الانسانية المشتركة.
الخامسة: الابتعاد عن التماهي والانصهار والذوبان في مسار النموذج الواحد والاقرار بأن لكل شعب هويته. بيد ان هوية كل شعب، لا بل هوية كل فرد مركبة، متغيرة، متفاعلة بشكل دائم بين الأنا والآخر، بين الكوني والمحلي.
السادسة: إذا كانت مسيرة العولمة بوتيرة نموها التكنولوجي والمعلوماتي هي أمر واقع ومحتوم، فإن الحرص على الجانب المسالم والأكسيولوجي في الشخصية الثقافية للشعوب هو واجب أخلاقي وإنساني للقوي والضعيف، للحاكم والمحكوم، للنخب والجماعات الثقافية والدينية.
السابعة: خلق آليات وديناميات جديدة للتواصل والتبادل والتفاعل بين مجمل الحضارات والثقافات من أجل أن يكون العالم موطناً رحباً يستوعب الجميع , و في هذا السياق يهمني أن ألفت القيمين على منظمة الأونسكو لأن يولوا الأنتباه الخاص و الأحتضان و الدعم للوثيقة التي حضرتها مجموعة من العلماء المبدعين من أكثر من قارة التي تتضمن رؤية تكاملية مشرقة جديدة للحضارات ترسم خطة استراتيجية نظرية و عملية تهدف للشراكة فعلية بين الجيل الجديد من حضارة الأنسان في مجالات العلم و التعليم و الثقافة. (راجع في هذا السياق وثيقة هؤلاء العلماء) في [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
الثامنة: لم يعد العالم يتحمل هذه الموجة الرهيبة من الحروب والصراعات، ولم يكون مصير الذين يضخون المال والقوة والمعرفة من أجل تأجيجها إلا النتيجة الكارثية لصانع القرارات والسيناريوهات وللذي يقاومه معاً. فرأفة بالحياة وبحاضر الانسان ومصيره ينبغي إنعاش الطاقة الأخلاقية والانسانية الايجابية لدى كل فرد وكل مجموعة وكل حكومة وكل حضارة، وهذه الطاقة لا يمكن أن نفسها وأن تنتعش إلا في التواصل والحوار والتعاون والشراكة الخلاقة، والعمل معاً على تعميق ونشر ثقافة السلام والمحبة بين كل الشعوب والحضارات.
وقد يكون خاتمة المرتجى هي واحدة من أبرز المهام , التي نأمل أن يفتح قلبه و عقله لها الحاكم والمحكوم , المؤمن و العلماني في محوري الشمال و الجنو , , أن يطرح كل طرف على نفسه الأسئلة الملحة التالية حولها: الى أي حد نعمل جميعاً من أجل تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية وتوسيع مساحة الأخلاق والتضامن بين محوري الشمال و الجنوب, بين المحرومين والمعذبين في كل العالم؟ الى أي حد يسهم كل واحد منا في الأخوة الإنسانية العامة من أجل تعميق أواصر المحبة والعدل والسلام و الجمال بين سكان هذا الكوكب الذي نعيش عليه معاً و السعي للتناغم الدائم الخلق بين البعد البشري والطبيعي الألهي و الكوني لشخصيتنا الأنسانية؟
فبهاتين الخاتمتين يكمن المرتجى الأكبر لمجمل سكان المعمورة و تكمن الحقيقة الساطعة للشراكة الفعلية بين الحضارات!
[center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saidaphilo.forumalgerie.net
 
مجلة تحالف الحضارات الجزء الاول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مجلة تحالف الحضارات العدد الأول
» تاريخ الفلسفة ايميل بريهيه الجزء الاول
» موقع مجلة الكلمة اللبنانية
» مجلة الكرمل ـ دراسات ومقالات فلسفية وأدبية مهمة
» مقال : الحقل الدلالي لمفهوم المجتمع المدني في فكر هيجل مجلة اضافات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قسم العلوم الاجتماعية سعيدة  :: جديد الاعلانات :: منتدي الأستاذ الدكتور سهيل فرح-
انتقل الى: